من الثورات الى الخرطوم: رحلة البحث عن الحقيقه


هذه خاطره قديمه ادخلتها مفكرتي الشخصيه في يوليو 2010 عندما كان محمد بوعزيزي حيا يرزق....لكن ربما فكرتها ما زالت حاضره.

إعتَدُت كلّ صباحٍ أن أحادث زوجتي لتطلعني على الجديد من أخبارها وأحوال ابنتي ساره. ثم إعتدت ان اصغيّ غير ممانعٍ الى بعض شكاويها وتحفظاتها فلها حق الشكوى وعليّ واجب الإستماع و المؤازره. في هذا الصباح حدثتني عن ما عانته هي وأختها داليا في صفوف تسجيل جامعة الخرطوم. فبعد أن خرجن بسيّارتهّن من منزل ذويهّن في الثورة ٢١ ليُزاحمن الحافلات و يسابقن الهايسات ويراوغن الركشات في طرق امدرمان الضيقه ثمّ في شوارع الخرطوم الفتّاكه، وصلن الى حرم جامعة الخرطوم وقد مضى من الزمن ثلاثة ارباع الساعه. وقفت داليا في صفّ دفع الرسوم عند الساعه العاشره تماماً وكان امامها وخلفها جمعٌ غفير اثار الارض وأقام غُبارها. صارت الساعة الى الواحدة ظهراً ولم تزل داليا تبارح مكانها في انتظار الفَرَج عندما جاء الفَرَج بأن أطلّت عليهم موظفةٌ تعلمهم بأن ينتشروا وأن: تعالوا الساعه عشره بكره!

ليس الغرض أن أسرد قصّةً تُشابه في المعنى والمغزى الملايين من مثيلاتها في بلدي. لكّن ما أغرى قلمي هو رد فعل الطّلاب. فما كان منهم إلا أنّ اظهروا قليلاً من التضجر وكثيراً من الرضوخ للأمر الواقع. حينها أدركت أنْ علّة بلدي ليست في موظفة التسجيل المقصره كما انها ليست في شرطي المرور الانتهازي ولا في المسؤول المرتشي. أكثَرنا في لوم الحكومات والادارات فتونّسنا في المجالس وأمَتْنا قلوبنا بِقصِّ الطرائف والنوادر عن الفساد وسوء الخدمات. وأقللنا في المطالبة الجادة بحقوق الإنسان في العيش الكريم. علّمنا التاريخ أن الحضارات تنهض على أكتاف رجالٍ ونساء تصبّبت جباههم عرقاَ وذرفت أعينهم دمعاً ودماً. فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا. قال تعالى: إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم.

أمّا الأُختان فقد كتب الله لهنّ أن يزاحمن و يسابقن ويراوغن إلى ما شاء الله . وأمّا أنا فسأظلّ أعايِنُ وأطالعُ عن بعد حتى يقضيّ الله أمراً كان مفعولاً!

عثمان بكري موسى 

تعليقات

المشاركات الشائعة