آمال الكبار وأحلام الصغار
لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن أتفاجأ عندما تكشف لي صغيرتي سارة عن عِظم ما تحلم بتحقيقه عندما تكبر. فأحلام الصِغار لا سقف لها، كما أنّ من المعلومِ أن إبن البطِّ عوّام فأُسرتها مليئة بأمثلة رائعة لسيّداتٍ عظيمات شغلن مقاعد البرلمان وأسّسن لتعليم الإناث في الأقاليم وأَدَرنَ أعمالهُنّ الخاصّة بأمانةٍ وإقتدار. لكنّ حُلُم سارة كان أبعد مما تخيّله عقلي وتأمّله قلبي فقالت لي: بابا....أنا عاوزة أكبر عشان أغسّل العِدّة! بعد أن جفّت دموع الضحِك من عيني، بدأت أتأمّل بِجدٍّ كلام فتاتي الصغيرة وعدت إلى أرشيف ذكرياتي لأُقارن أحلامي آنذاك بأحلامها اليوم وأوازن أدائي اليوم بما أسمو إلى أن تطاله هي في الغد. إستَرجَعتُ أنّني كُنت أطمحُ أن أصير سائق باصٍ سياحي على خط الخرطوم سِنجة. كيف لا وقد أذهلتني حينها مهارة سائق الباص الذي كان يستطيع وبكل ثقة تجاوز شاحنة على طريق الموت (البعض يسميه شارع مدني) والعودة إلى الجانب الصحيح من الطريق قبيل ثواني من وصول اللّوري المُسرع في الإتِجاه المعاكس وفي ذات الوقت مُراوغة الحَمير والكِلاب والتُيوس التي تتهادى عن يمين الشارع ويساره كأنّها جموع مُشجّعين تُتابع رالِ